جان دوست:نقطة. انتهيتم

إلى مجموع القادة السياسيين الكرد في سوريا
ها أنتم تسقطون للمرة الثانية في امتحان الثورات..سقطتم أول مرة في امتحان انتفاضة آذار 2004 حين قمتم بلجم الشارع قبل أن يصل إلى الهدف، أي أنكم عرقلتم تقدم الشباب بسياساتكم التي لا تشبه السياسة في شيء. وها أنتم وقد سقطتم في امتحان الثورة السورية ونلتم علامة الصفر عن جدارة. لقد استنفدتم سنوات الرسوب في جامعة الحرية وآن لكم أن تعودوا إلى بيوتكم مشكورين. شكراً على اجتهادكم، شكراً على سهركم في الليالي في سبيل طلب العلا لكنكم لم تنالوه للأسف. فعودوا لأنكم أصبحتم عبئاً ثقيلاً على كل شيء. لقد أصبحتم بسبب خلافاتكم البيزنطية التافهة وتفرقكم البشع عبئاً حتى على حكومة إقليم كردستان بدل أن تكونوا عوناً للإقليم في منعطفه الخطير الذي يعيشه هذه الأيام. أصبحتم عبئاً على شباب الحراك الثوري فلا هم يقدرون على تجاوزكم ولا هم بقادرين على تحملكم وتحمل بلاداتكم وصراعاتكم الصبيانية. آن أن ترحلوا يا جماعة الخير، بات رحيلكم واجباً قومياً بعد أن زنيتم بالقضية الكردية فحَمَلَتْ منكم سِفاحاً مخلوقاً سميتموه أنتم وآباؤكم “الحركةَ الكردية في سورية” وكان الأجدر بكم أن تسموا هذا المخلوق المصاب بالشلل السياسي (الكردي المريض) لأنه يعاني من إعاقة دلئمة وعاهة مزمنة اسمها الانشقاق المستمر. ألا تخجلون من الكثرة التي أصبحت مصدر سخرية؟ كم حزباً أنتم بالله عليكم؟ على ماذا تختلفون في يمينكم ويساركم؟ ما هي الأهداف الكبرى بل الخطوط العريضة التي تخلتلفون فيها وينشق بعضكم عن بعض بسببها؟ وأنتم أيها الصغار الذي تبنون أحزاباً أصغر من جحور الأفاعي..إلى متى ستسكركم خمرة أحلام أن تكونوا أمناء عامين تلبسون المعاطف الطويلة الثقيلة وربطات العنق التي لا تدل إلى على الغباء؟ تباً لكم ولأفكاركم. تباً لكم فلقد ضيعتم وضيعتمونا معكم.
ارحلوا قبل أن يرحل بشار فإنكم بعد رحيله لن ترحلوا فقط بل ستتبخرون، فارحلوا بكرامتكم واحزموا أمتعتكم لأنكم لستم جديرين بقيادة هذا الجيل الثائر..الجيل العظيم الذي ما زلتم يا سادة تخاطبونه بمفردات من قاموس الستينيات السياسي..هذا الجيل الثائر سيكنسكم ويكنس كل مرحلتكم سيئة الذكر..مرحلة الانشقاقات السريالية والأمناء العامين السعيدين بغبائهم ومرحلة الارتباطات المخابراتية والتخاذل وتبعية الأحزاب الكردستانية الكبرى والانبطاح أمامها وقبول أن تصبحوا ظلالاً مشوهة لها..مرحلة الاستبداد الذي عشتموه خمسين سنة في ظل البعث فتشبهتم به وتماهيتم معه حتى كان لكم حاضنة دافئة كما أن بعض الظروف الطبيعية تكون حواضن للبكتيريا..أنتم البكتيريا السياسية ولقد أصبتم المجتمع الكردي بالعفونة القومية وورثتم كل أمراض الاستبداد، من بقاء في السلطة إلى الأبد، إلى توريث الأمانة العامة من الأب الجاهل إلى الابن الأكثر جهلاً..
لكن وكما أن جدران الخوف في سوريا تحطمت وانهارت بقوة الشارع، ستتحطم جدران الخوف في الشارع الكردي أيضاً بعد أن تحملكم جيل الثورة طويلاً..أو لم تسمعوا هدير شباب كوباني وهم يهتفون (الشعب يريد إسقاط PKK )؟ ألم تصلكم رسالة شباب كوباني التي مفادها لا خوف بعد اليوم ولا خنوع وأن قواعد اللعبة قد تغيرت وأنه حتى قوة مسلحة لن ترهبهم ولن توقفهم عن السعي لبلوغ الهدف؟
ارحل يا حميد حج درويش قبل أن يُرَحِّلك شباب التقدمي أنفسهم، فلقد بلغتَ من الكبر عتياً وآن لك أن ترتاح في بيتك وتكتب مذكراتٍ تنفعنا لا أن تصبح حكواتياً في المؤتمرات. ارحل قبل أن يتفتت حزبك “التقدمي” إلى تقدميات صغيرة جداً لا تستطيع لملمتها وأنت في عمر تحتاج فيه أن تلملم أفكارك. ارحل يا جمال شيخ باقي وافسح المجال لشباب من حزبك الذي لم يكن في أي يوم من الأيام سوى ظل لهذا وذاك، ارحل يا أخي أم تريد أن توَرثها ابنك من بعدك كما ورثتها عن أبيك من قبل؟ ارحل يا فؤاد عليكو فوحدتكم صارت وحدات بحاجة إلى حَدَوات حتى تستطيع السير في هذا الطريق المزدحم بالخيول الأصيلة، لن تنفعكم محاولات الاتحاد في زمن تتسارع فيه الأحداث ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بما ستؤول إليه اللحظة التالية…يا نصر الدين ابراهيم الذي لا أعرف اسم حزبك ارحل وانصرف للعمل الأكاديمي فستنفعنا أكثر..ارحل يا محمد موسى وابق في هولير أو السليمانية لتبني لك داراً وبستاناً صغيراً تقضي فيه بقية عمرك وأنت تنظر لمستقبل قادم. ارحل يا عبد الحكيم بشار فالبارزانية لن تخسر برحيلك شيئاً لأنك ربما تتفرغ لعمل أجدى للكرد من عملك السياسي. ارحل يا مصطفى جمعة قبل أن تشعل النار فتحترق بها وتحرقنا جميعاً. ارحل يا صالح مسلم أم أنك تظن أن البندقية تعطيك الحق في البقاء؟ ومتى كانت القوة تساوي الحق يا صالح مسلم؟هل تظن أن قتل ابن مدينتك ولات حسي وقتل غيره سيسكت الآخرين؟ هل سمعت هتاف شباب كوباني؟ ألم يحزنك ما آلت إليه سمعة حزب كبير ضحى في سبيله الآلاف واستشهدوا في الزنازين وهم يرفعون راية هذا الحزب؟ ألا يحزنك أن يصبح الحزب العريق ورموزه في الحضيض بسبب رعونتكم وأجنداتكم المشبوهة؟ لا تظنن أن هذه البنادق التي يحملها رفاقك سترهب أحداً. فقد حملتموها في كردستان العراق وحاولتم إنهاء تجربة الإقليم المستقل وفشلتم هناك كما ستفشلون هنا..وأنت تعيش حالة ثورة في بلادك تعرف جيداً أن دوركم قادم وأن الشارع الكردي لن ينسى ما فعلتم به مستغلين ضعف النظام وانشغاله.
ارحلوا جميعاً يا من أدمنتم الخسارة قبل أن يهدر الشارع الكردي ويطالبكم بالرحيل بقوة الحنجرة..كلكم بلا استثناء تتحملون الهزيمة التي نعيشها منذ أن فتحنا أعيننا. لم تخدعنا الشعارات ولا خدعتنا بعض الكرنفالات الاستعراضية في نوروز وأعياد (العمال والمرأة)..فكل ذلك كان سراباً بقيعة حسبناه ماءً زلالاً. ارحلوا فالشباب قادمون..وسيختارون بأنفسهم قيادات تليق بالعصر..تليق بالحداثة السياسية. ارحلوا وخذوا معكم أحزابكم خذوها وانقعوا بياناتها في الماء الدافئ واشربوها لعلكم تحصلون على حناجر حرة صافية الصوت لا نشاز في حديثها، ربما ستحصلون على أدمغة تستطيع التفكير بدون قيود مسبقة وليس فيها خيالات مريضة عن سلطة (أمانة عامة) لا تساوي حذاء رجل مخابرات. ارحلوا واحملوا أحزابكم المريضة الهزيلة على أكتافكم واذهبوا إلى المستشفيات السياسية فلعلكم تعالجونها من أمراض (الجلطة الفكرية والربو السياسي والسعال الحزبي الناتج عن تشقق الحبال الحزبية)، خذوا أحزابكم التي عجزت عن فهم ما يحدث ففشلت في التعامل معه فأوقعت المجتمع الكردي في شر الاقتتال الأخوي. خذوا هذه الأحزاب (البسطات السياسية) كل حزب بما يناسبه من حقيبة، ليس الأمر صعباً جداً إنما يحتاج قليلاً من النخوة وقليلاً من شجاعة نادرة لتعلنوا كل واحد من جهته عن حل حزبه بعد الاتكال على الله وإقفال (الدكانة) بمسؤولية التاجر الذي لا يريد الوقوع في حضيض الإفلاس بل يحاول إنقاذ ما تبقى له من رأسمال. ارحلوا فلم تقدموا لنا سوى التمزق والشرذمة والضعف، ارحلوا ارحلوا فقد جاءكم الطوفان ولا عاصم لكم اليوم من شباب الثورة إلا بيوتكم. نقطة. انتهيتم.